التواضع وخفض الجناح عند
الحوار
التواضع وخفض
الجناح عند الحوار(تأملات في
الحوار من خلال سورة يوسف)1- قال تعالى-
خلال كلام يوسف مع أبيه يعقوب عليهما السلام:- ﴿
يَا
أَبَتِ إِنِّي رَأَيْت ﴾ [يوسف: 4].
فيظهر من خلال هذا الحوار الرفق واللين واستمالة
قلب الأب والتواضع وخفض الجناح عند مخاطبته، أو من هو في مقامه.
والمتأمل لهذا الحوار يرى في كلمة ﴿
يَا أَبَتِ ﴾ تذكيراً له بالصلة القوية التي تربط
بينهما، وهي رابطة الأبوة والبنوة، وما يكون عادة بين الوالد والولد من محبة أحدهما
للآخر.
قال الشافعي-رحمه
الله-: "التواضع من أخلاق الكرام، والتكبر من شيم اللئام، والتواضع يورث
المحبة، والقناعة تورث الراحة". الذهبي، سير أعلام النبلاء (10/99).
ومن الصور النقيضة لهذا الأدب والتي سجلها القرآن
الكريم خروج إخوة يوسف عن الجادة في حوارهم مع والدهم يعقوب-عليه السلام-قال تعالى:
﴿
وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي
لأجدِ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ * قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ
الْقَدِيمِ ﴾ [يوسف: 94-95].
وقبل ذلك قوله-عز وجل -: ﴿
قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ
وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ
بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ ﴾ [يوسف: 17].
وقبله أيضاً قوله تعالى: ﴿
قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ
وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ ﴾ [يوسف: 11].
مما تقدم يتبين لنا أن التواضع وخفض الجناح-لا سيما
مع الكبار-يشعر بأهمية الحوار، ويقود إلى فتح القلوب، وكسب الخصم إلى صفك، وارتفاع
منزلتك وقدرك عنده، فبالتواضع يخضع الخصم، ويستقيم الحوار، ويتوجه حصول الفائدة
المرجوة.
2- وقال يوسف-
عليه السلام - لإخوته - في حواره معهم تواضعاً منه:- ﴿
قَالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ
لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [يوسف: 92].